مرحبا بالزائر الكريم

أحب الصالحين ولست منهم ، لعلي أن أنال بهم شفـــاعة
وأكره من تجارته المعاصي ، ولو كنا سواء في البضاعة

أبحث في قوقل

10‏/07‏/2014

مغزى الحياة د. راغب السرجاني .مقال رائع يجيب عن سؤال : ( ما الحكمة من الابتلاء والفتنة ؟ )

مغزى الحياة
د. راغب السرجاني

مقال رائع يجيب عن سؤال : (( ما الحكمة من الابتلاء والفتنة ؟ ))


تدبرت ُ كثيرا ً في مسألة قيام الأمم ، فلاحظت أمرا ً عجيبا ً، وهو أن فترة الإعداد تكون طويلة جدا ً (قد تبلغ عشرات السنين) ، بينما تقصر فترة التمكين حتى لا تكاد أحيانا ً تتجاوز عدة سنوات !!


فعلى سبيل المثال بذل المسلمون جهدا ً خارقًا ً لمدة تجاوزت ثمانين سنة ؛ وذلك لإعداد جيش يواجه الصليبيين في فلسطين ، وكان في الإعداد علماء ربانيون ، وقادة بارزون ، لعل من أشهرهم عماد الدين زنكي و نور الدين محمود و صلاح الدين الأيوبي جميعا ً، وانتصر المسلمون في حطين ، بل حرروا القدس وعددا ً كبيرا ً من المدن المحتلة ، وبلغ المسلمون درجة التمكين في دولة كبيرة مُوحدة ، ولكن -ويا للعجب- لم يستمر هذا التمكين إلا ست سنوات ، ثم انفرط العقد بوفاة صلاح الدين ، وتفتتت الدولة الكبيرة بين أبنائه وإخوانه ، بل كان منهم من سلـّم القدس بلا ثمن تقريبا ً إلى الصليبيين !!


كنت أتعجب لذلك حتى أدركت السُنَـّة ، وفهمت المغزى .. إن ّ المغزى الحقيقي لوجودنا في الحياة ليس التمكين في الأرض وقيادة العالم ، وإن كان هذا أحد المطالب التي يجب على المسلم أن يسعى لتحقيقها

ولكن ّ المغزى الحقيقي لوجودنا هو عبادة الله ..

قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]


وحيث إننا نكون أقرب إلى العبادة الصحيحة لله في زمن المشاكل و الصعوبات ، وفي زمن الفتن و الشدائد ، أكثر بكثير من زمن النصر و التمكين

فإن ّ الله -من رحمته بنا- يُطيل علينا زمن الابتلاء و الأزمات ؛ حتى نظل قريبين منه فننجو

ولكن عندما نُمكـّن في الأرض ننسى العبادة ، ونظن في أنفسنا القدرة على فعل الأشياء ، ونـُفتن بالدنيا ، ونحو ذلك من أمراض التمكين ..

قال تعالى : هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [يونس: 22، 23]


ولا يخفى على العقلاء أن المقصود بالعبادة هنا ليس الصلاة والصوم فقط ، إنما هو في الحقيقة منهج حياة ..

إن ّ العبادة المقصودة هنا هي:

صدق التوجه إلى الله وإخلاص النية له وحسن التوكل عليه وشدة الفقر إليه وحب العمل له وخوف البـُعد عنه وقوة الرجاء فيه ودوام الخوف منه ..

إن ّ العبادة المقصودة هي :

أن تكون حيث أمرك الله أن تكون

وأن تعيش كيفما أراد الله لك أن تعيش

وأن تحب في الله ، وأن تبغض في الله ، وأن تصل لله ، وأن تقطع لله ..

إنها حالة إيمانية راقية تتهاوى فيها قيمة الدنيا

حتى تصير أقل من قطرة في يمٍّ ، و أحقر من جناح بعوضة ، و أهون من جَدِي أَسَكَّ ميت ..

كم من البشر يصل إلى هذه الحالة الباهرة في زمان التمكين ؟؟!!

إنهم قليلون .. قليلون !

ألم يخوفنا حبيبنا من بسطة المال ، ومن كثرة العَرض ، ومن انفتاح الدنيا ؟!


ألم يقل لنا وهو يُحذرنا : "فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ" ؟!

ألا نجلس معا ً، ونأكل معا ً، ونفكر معا ً، ونلعب معا ً، فإذا وصل أحدنا إلى كرسي سلطان ، أو سُدة حُكم ، نسي الضعفاء الذين كان يعرفهم ، واحتجب عن (العامة) الذين كانوا أحبابه وإخوانه ؟!


ألم يحذرنا حبيبنا من هذا الأمر الشائع فقال : "مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئا ً مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ" ؟! هل يحتجب الفقير أو الضعيف أو المشرد في الأرض ؟

لا.. إنما يحتجب المُمَكـَّن في الأرض ، ويحتجب الغني ، ويحتجب السلطان ..

إن ّ وصول هؤلاء إلى ما يريدون حَجَب أغلبهم عن الناس ، ومَن كانت هذه حاله فإن الله يحتجب عنه

ويوم القيامة سيُدرك أنه لو مات قبل التمكين لكان أسلم له وأسعد

ولكن ليس هناك عودة إلى الدنيا ، فقد مضى زمن العمل ، وحان أوان الحساب ..

إن ّ المريض قريب من الله غالب وقته ، والصحيح متبطر يبارز الله المعاصي بصحته ..

والذي فقد ولده أو حبيبه يناجي الله كثيرا ً، ويلجأ إليه طويلا ً، أمّا الذي تمتع بوجودهما ما شعر بنعمة الله فيهما ..

والذي وقع في أزمة ، والذي غُيِـّب في سجن ، والذي طـُرد من بيته ، والذي ظـُلم من جبار ، والذي عاش في زمان الاستضعاف

كل هؤلاء قريبون من الله ..

فإذا وصلوا إلى مرادهم ، ورُفع الظلم مِن على كواهلهم نسوا الله ، إلا مَن رحم الله

وقليل ما هم ..

هل معنى هذا أن نسعى إلى الضعف و الفقر و المرض و الموت ؟

أبدا ً، إن ّ هذا ليس هو المراد .. إنما أمرنا الله بإعداد القوة ، وطلب الغنى ، والتداوي من المرض ، والحفاظ على الحياة .. ولكن ّ المراد هو :

أن نفهم مغزى الحياة ..

إنه العبادة ثم العبادة ثم العبادة ..

ومن هنا فإنه :

لا معنى للقنوط أو اليأس في زمان الاستضعاف

ولا معنى لفقد الأمل عند غياب التمكين

ولا معنى للحزن أو الكآبة عند الفقر أو المرض أو الألم ..

إننا في هذه الظروف -مع أن ّ الله طلب منا أن نسعى إلى رفعها- نكون أقدر على العبادة ، وأطوع لله ، وأرجى له ، وإننا في عكسها نكون أضعف في العبادة ، وأبعد من الله .. إننا لا نسعى إليها ، ولكننا (نرضى) بها .. إننا لا نطلبها ، لكننا (نصبر) عليها ..


إن ّ الوقت الذي يمضي علينا حتى نحقق التمكين ليس وقتا ً ضائعا ً، بل على العكس ، إنه الوقت الذي نفهم فيه مغزى الحياة ، والزمن الذي "نعبد" الله فيه حقًا ً، فإذا ما وصلنا إلى ما نريد ضاع منا هذا المغزى ، وصرنا نعبد الله بالطريقة التي "نريد" ، لا بالطريقة التي "يريد" ! ..
أو إن شئت فقـُلْ نعبد الله بأهوائنا ، أو إن أردت َ الدقة أكثر فقل نعبد أهواءنا !!

قال تعالى : أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا ً [الفرقان: 43]

ولذلك كله فإن ّ الله الحكيم الذي يريد منا تحقيق غاية الخـَلق ، الرحيم الذي يريد لنا الفلاح والنجاح قد اختار لنا

أن تطول فترة الإعداد والبلاء والشدة

وأن تقصر فترة التمكين والقوة

وليس لنا إلا أن نرضى ، بل نسعد باختياره

فما فعل ذلك إلا لحبه لنا ، وما أقرَّ هذه السُنَـّة إلا لرحمته بنا ..

ولنتدبرّ حركة التاريخ .. كم سنة عاش نوح -- يدعو إلى الله ويتعب ويصبر ، وكم سنة عاش بعد الطوفان و التمكين ؟!

أين قصة هود أو صالح أو شعيب أو لوط -- بعد التمكين ؟!

إننا لا نعرف من قصتهم إلا تكذيب الأقوام ، ومعاناة المؤمنين ، ثم نصر سريع خاطف ، ونهاية تبدو مفاجئة لنا ..

لماذا عاش رسولنا إحدى وعشرين سنة يُعِد ّ للفتح والتمكين ، ثم لم يعش في تمكينه إلا عامين أو أكثر قليلا ً ؟!

وأين التمكين في حياة موسى أو عيسى ؟!
وأين هو في حياة إبراهيم أبي الأنبياء ؟!

إن ّ هذه النماذج النبوية هي النماذج التي ستتكرر في تاريخ الأرض ، وهؤلاء هم أفضل من "عَبَدَ" الله
فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام: 90]

والآن بعد أن فقهنا المغزى لعلنا عرفنا لماذا لم يعش عمر بن عبد العزيز إلا سنتين ونصف فقط في تمكينه ..
وأدركنا لماذا قـُتل عماد الدين زنكي بعد أقل من عامين من فتح الرُّها..

وكذلك لماذا قـُتل قطز بعد أقل من سنة من نصره الخالد على التتار في عين جالوت ..

وكذلك لماذا قـُتل ألب أرسلان بعد أقل من عامين من انتصار ملاذكرد التاريخي ..

ولماذا لم "يستمتع" صلاح الدين بثمرة انتصاره في حطين إلا أقل من سنة ثم سقطت عكا مرة أخرى في يد الصليبيين ..

ولماذا لم يرَ عبد الله بن ياسين مؤسس دولة المرابطين التمكين أصلا ً..

ولماذا مات خير رجال دولة الموحدين أبو يعقوب يوسف المنصور بعد أقل من أربع سنوات من نصره الباهر في موقعة الأرك ..

إن ّ هذه مشاهدات لا حصر لها ، كلها تشير إلى أن الله أراد لهؤلاء "العابدين" أن يختموا حياتهم

وهم في أعلى صور العبادة ، قبل أن تتلوث عبادتهم بالدنيا

وقبل أن يصابوا بأمراض التمكين ..

إنهم كانوا "يعبدون" الله حقًا ً في زمن الإعداد والشدة ، "فكافأهم" ربُنا بالرحيل عن الدنيا قبل الفتنة بزينتها ..

ولا بد أن ّ سائلا ً سيسأل : أليس في التاريخ ملك صالح عاش طويلا ً ولم يُفتن ؟!

أقول : نعم .. هناك من عاش هذه التجربة ، ولكنهم قليلون أكاد أحصيهم لندرتهم !

فلا نجد في معشر الأنبياء إلا داود وسليمان ، وأمّا يوسف -- فقصته دامية مؤلمة من أوَّلها إلى قبيل آخرها ، ولا نعلم عن تمكينه إلا قليل القليل .


وأمّا الزعماء والملوك والقادة فلعلك لا تجد منهم إلا حفنة لا تتجاوز أصابع اليدين ، كهارون الرشيد وعبد الرحمن الناصر وملكشاه وقلة معهم ..

لذلك يبقى هذا استثناء ً لا يكسر القاعدة ، وقد ذكر ذلك الله في كتابه فقال : وَإِنَّ كَثِيرا ً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ص: 24] ..

فالذي يصبر على هذه الفتن قليل بنص القرآن ، بل إن الله إذا أراد أن يُهلك أمة من الأمم زاد في تمكينها !! قال تعالى : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام: 44]

إنني بعد أن فهمت هذا المغزى أدركت ُ التفسير الحقيقي لكثيرٍ من المواقف المذهلة في التاريخ ..

أدركت ُ لماذا كان عتبة بن غزوان يُقسِم على عمر بن الخطاب أن يعفيه من ولاية البصرة !

وأدركت ُ لماذا أنفق الصدّيق ماله كله في سبيل الله ..

وأدركت ُ لماذا حمل عثمان بن عفان وحده همَّ تجهيز جيش العسرة دون أن يطلب من الآخرين حمل مسئولياتهم ..

وأدركت ُ لماذا تنازل خالد بن الوليد عن إمارة جيش منتصر..

وأدركت ُ لماذا لم يسعد أبو عبيدة بن الجراح بولايته على إقليم ضخم كالشام ..

وأدركت ُ لماذا حزن طلحة بن عبيد الله عندما جاءه سبعمائة ألف درهم في ليلة .. وأدركت ُ لماذا تحول حزنه إلى فرح عندما "تخلَّص" من هذه الدنيا بتوزيعها على الفقراء في نفس الليلة !!

( أجمعين) ..

أدركت ُ ذلك كله.. بل إنني أدركت ُ لماذا صار جيل الصحابة خير الناس !

إن ّ هذا لم يكن فقط لأنهم عاصروا الرسول ، بل لأنهم هم أفضل من فقه مغزى الحياة ، أو قل : هم أفضل من "عَبَدَ" الله ؛ ولذلك حرصوا بصدق على البعد عن الدنيا والمال والإمارة والسلطان ..

ولذلك لا ترى في حياتهم تعاسة عندما يمرضون ..

ولا كآبة عندما يُعذَبون ..

ولا يأسا ً عندما يُضطهدون ..

ولا ندما ًعندما يفتقرون ..

إن ّ هذه كلها "فُرَص عبادة" يُسـِرَت لهم

فاغتنموها ، فصاروا بذلك خير الناس ..

إن ّ الذي فقِه فقههم سعِد سعادتهم ولو عاش في زمن الاستضعاف !

والذي غاب عنه المغزى الذي أدركوه خاب وتعس ولو مَلـَك َ الدنيا بكاملها ..

فإلى أولئك الذين يعتقدون أنهم من "البائسين" الذين حُرموا مالا ً أو حُكما ً أو أمنا ً أو صحة أو حبيبا ً..

إنني أقول لهم : أبشروا ، فقد هيأ الله لكم "فرصة عبادة" !

فاغتنموها قبل أن يُرفع البلاء ، وتأتي العافية

فتنسى الله ، وليس لك أن تنساه .. قال تعالى : وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [يونس: 12] .

أسأل الله أن يفقهنا في سننه ..

وأسأله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين

08‏/07‏/2014

إضاءات حول حديث " تقتله الفئة الباغية "

السؤال

في حديث صحيح أن عمارا تقتله الفئة الباغية ، وكانت السيدة عائشة تناصر معاوية أرجو الإيضاح ، وكيف يكون هناك اقتتال بين المسلمين في ذلك الوقت وفي الطرفين من هم مبشرون بالجنة حيث إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار. أرجو شرح ذلك بإيضاح شديد لأنني سئلت من غير المسلمين وأريد أن أعطيهم رداً يغلق أفواههم؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فعائشة رضي الله عنها لم تخرج في القتال الذي حدث بين علي ومعاوية ولم تشهد من ذلك شيئاً وإنما خرجت مع طلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين عندما خرجوا لملاحقة قتلة عثمان رضي الله عنه ومطالبة علي رضي الله عنه بمعاقبتهم، وكان غرضها من خروجها الصلح بين المسلمين فحدث ما حدث في معركة الجمل بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي رضي الله عنهم من جهة أخرى وكان أمر الله قدراً مقدوراً: َوَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [البقرة:253].
كما هو مبين في الفتوى رقم:
3227.

وأما حديث عمار فهو في الصحيحين وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية معنى الحديث وما حدث بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وأي الطائفتين أولى بالحق، وموقف المسلم من ذلك ومما قال: وكان الْمُؤْمِنُون قدْ افْترقُوا فِرْقتيْنِ : فِرْقةٍ مع علِيٍّ , وفِرْقةٍ مع مُعاوِية ، فقاتل هؤُلاءِ علِيًّا وأصْحابهُ , فوقع الْأمْرُ كما أخْبر بهْ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم , وكما ثبت عنْهُ أيْضًا فِي الصّحِيحِ أنّهُ قال عنْ الْحسنِ ابْنِهِ : إنّ ابْنِي هذا سيِّدٌ , وسيُصْلِحُ اللّهُ بهْ بيْن طائِفتيْنِ عظِيمتيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِين. فأصْلح اللّهُ بهْ بيْن شِيعةِ علِيّ وشِيعةِ مُعاوِية، وأثْنى النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على الْحسنِ بِهذا الصُّلْحِ الّذِي كان على يديْهِ وسمّاهُ سيِّدًا بِذلِك; لِأجْلِ أنّ ما فعلهُ الْحسنُ يُحِبُّهُ اللّهُ ورسُولُهُ, ويرْضاهُ اللّهُ ورسُولُهُ، ولوْ كان الِاقْتِتالُ الّذِي حصل بيْن الْمُسْلِمِين هُو الّذِي أمر اللّهُ بِهِ ورسُولُهُ لمْ يكُنْ الْأمْرُ كذلِك; بلْ يكُونُ الْحسنُ قدْ ترك الْواجِب, أوْ الْأحبّ إلى اللّهِ، وهذا النّصُّ الصّحِيحُ الصّرِيحُ يُبيِّنُ أنّ ما فعلهُ الْحسنُ محْمُودٌ, مرْضِيٌّ لِلّهِ ورسُولِهِ , وقدْ ثبت فِي الصّحِيحِ , أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يضعُهُ على فخِذِهِ, ويضعُ أُسامة بْن زيْدٍ, ويقُولُ: "اللّهُمّ إنِّي أُحِبُّهُما, وأُحِبُّ منْ يُحِبُّهُما." وهذا أيْضًا مِمّا ظهر فِيهِ محبّتُهُ ودعْوتُهُ صلى الله عليه وسلم; فإِنّهُما كانا أشدّ النّاسِ رغْبةً فِي الْأمْرِ الّذِي مدح النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بهْ الْحسن, وأشدّ النّاسِ كراهةً لما يُخالِفُهُ وهذا مِمّا يُبيِّنُ أنّ الْقتْلى مِنْ أهْلِ صفين لمْ يكُونُوا عِنْد النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمنْزِلةِ الْخوارِجِ الْمارِقِين, الّذِين أمر بِقِتالِهِمْ, وهؤُلاءِ مدح الصُّلْح بيْنهُمْ ولمْ يأْمُرْ بِقِتالِهِمْ; ولِهذا كانتْ الصّحابةُ والْأئِمّةُ مُتّفِقِين على قِتالِ الْخوارِجِ الْمارِقِين, وظهر مِنْ علِيٍّ رضي الله عنه السُّرُورُ بِقِتالِهِمْ; ومِنْ رِوايتِهِ عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْأمْر بِقِتالِهِمْ : ما قدْ ظهر عنْهُ وأمّا قِتالُ الصّحابةِ فلمْ يُرْو عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ أثرٌ, ولمْ يظْهرْ فِيهِ سُرُورٌ; بلْ ظهر مِنْهُ الْكآبةُ , وتمنّى أنْ لا يقع , وشكر بعْض الصّحابةِ , وبرّأ الْفرِيقيْنِ مِنْ الْكُفْرِ والنِّفاقِ , وأجاز التّرحُّم على قتْلى الطّائِفتيْنِ , وأمْثال ذلِك مِنْ الْأُمُورِ الّتِي يُعْرفُ بِها اتِّفاقُ علِيٍّ وغيْرِهِ مِنْ الصّحابةِ على أنّ كُلّ واحِدةٍ مِنْ الطّائِفتيْنِ مُؤْمِنةٌ ، وقدْ شهِد الْقُرْآنُ بِأنّ اقْتِتال الْمُؤْمِنِين لا يُخْرِجُهُمْ عنْ الْإِيمانِ بِقوْلِهِ تعالى : وإِنْ طائِفتانِ مِن الْمُؤْمِنِين اقْتتلُوا فأصْلِحُوا بيْنهُما فإِنْ بغتْ إحْداهُما على الْأُخْرى فقاتِلُوا الّتِي تبْغِي حتّى تفِيء إلى أمْرِ اللّهِ فإِنْ فاءتْ فأصْلِحُوا بيْنهُما بِالْعدْلِ وأقْسِطُوا إنّ اللّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِين

إنّما الْمُؤْمِنُون إخْوةٌ فأصْلِحُوا بيْن أخويْكُمْ واتّقُوا اللّه لعلّكُمْ تُرْحمُون فسمّاهُمْ " مُؤْمِنِين " وجعلهُمْ " إخْوةً " مع وُجُودِ الِاقْتِتالِ والْبغْيِ ، والْحدِيثُ الْمذْكُورُ (إذا اقْتتل خلِيفتانِ فأحدُهُما ملْعُونٌ) كذِبٌ مُفْترًى لمْ يرْوِهِ أحدٌ مِنْ أهْلِ الْعِلْمِ بِالْحدِيث, ولا هُو فِي شيْءٍ مِنْ دواوِينِ الْإِسْلامِ الْمُعْتمدةِ، و مُعاوِيةُ لمْ يدّعِ الْخِلافة ، ولمْ يُبايعْ لهُ بِها حيْن قاتل علِيًّا، ولمْ يُقاتِلْ على أنّهُ خلِيفةٌ ، ولا أنّهُ يسْتحِقُّ الْخِلافة ، ويُقِرُّون لهُ بِذلِك ، وقدْ كان مُعاوِيةُ يُقِرُّ بِذلِك لِمنْ سألهُ عنْهُ ، ولا كان مُعاوِيةُ وأصْحابُهُ يروْن أنْ يبْتدُوا علِيًّا وأصْحابهُ بِالْقِتالِ ، ولا يعْلُوا ، بلْ لمّا رأى علِيٌّ رضي الله عنه وأصْحابُهُ أنّهُ يجِبُ عليْهِمْ طاعتُهُ ومُبايعتُهُ, إذْ لا يكُون لِلْمُسْلِميْنِ إلّا خلِيفةٌ واحِدٌ, وأنّهُمْ خارِجُون عنْ طاعتِهِ يمْتنِعُون عنْ هذا الْواجِبِ, وهُمْ أهْلُ شوْكةٍ رأى أنْ يُقاتِلهُمْ حتّى يُؤدُّوا هذا الْواجِب, فتحْصُل الطّاعةُ والْجماعةُ، وهُمْ قالُوا: إنّ ذلِك لا يجِبُ عليْهِمْ, وإِنّهُمْ إذا قُوتِلُوا على ذلِك كانُوا مظْلُومِين قالُوا: لِأنّ عُثْمان قُتِل مظْلُومًا بِاتِّفاقِ الْمُسْلِمِين, وقتلتُهُ فِي عسْكرِ علِيٍّ, وهُمْ غالِبُون لهُمْ شوْكةٌ, فإِذا امْتنعْنا ظلمُونا واعْتدوْا عليْنا، وعلِيٌّ لا يُمْكِنُهُ دفْعُهُمْ, كما لمْ يُمْكِنْهُ الدّفْعُ عنْ عُثْمان; وإِنّما عليْنا أنْ نُبايِع خلِيفةً يقْدِرُ على أنْ يُنْصِفنا ويبْذُل لنا الْإِنْصاف، وكان فِي جُهّالِ الْفرِيقيْنِ منْ يظُنُّ بِعلِيِّ وعُثْمان ظُنُونًا كاذِبةً, برّأ اللّهُ مِنْها علِيًّا, وعُثْمان: كان يظُنُّ بِعلِيِّ أنّهُ أمر بِقتْلِ عُثْمان, وكان علِيٌّ يحْلِفُ وهُو الْبارُّ الصّادِقُ بِلا يمِينٍ أنّهُ لمْ يقْتُلْهُ, ولا رضِي بِقتْلِهِ, ولمْ يُمالِئْ على قتْلِهِ، وهذا معْلُومٌ بِلا ريْبٍ مِنْ علِيٍّ رضي الله عنه، فكان أُناسٌ مِنْ مُحِبِّي علِيٍّ ومِنْ مُبْغِضِيهِ يُشِيعُون ذلِك عنْهُ: فمُحِبُّوهُ يقْصِدُون بِذلِك الطّعْن على عُثْمان بِأنّهُ كان يسْتحِقُّ الْقتْل, وأنّ علِيًّا أمر بِقتْلِهِ، ومُبْغِضُوهُ يقْصِدُون بِذلِك الطّعْن على علِيٍّ, وأنّهُ أعان على قتْلِ الْخلِيفةِ الْمظْلُومِ الشّهِيدِ, الّذِي صبّر نفْسهُ ولمْ يدْفعْ عنْها, ولمْ يسْفِكْ دم مُسْلِمٍ فِي الدّفْعِ عنْهُ, فكيْف فِي طلب طاعتِهِ وأمْثالُ هذِهِ الْأُمُورِ الّتِي يتسبّبُ بِها الزّائِغُون على الْمُتشيِّعِين الْعُثْمانِيّةِ, والْعلوِيّةِ، وكُلُّ فِرْقةٍ مِنْ الْمُتشيِّعِين مُقِرّةٌ مع ذلِك بِأنّهُ ليْس مُعاوِيةُ كُفْئًا لِعلِيِّ بِالْخِلافةِ, ولا يجُوزُ أنْ يكُون خلِيفةٌ مع إمْكانِ اسْتِخْلافِ علِيٍّ رضي الله عنه; فإِنّ فضْل علِيٍّ وسابقيته, وعِلْمهُ, ودِينهُ, وشجاعتهُ, وسائِر فضائِلِهِ: كانتْ عِنْدهُمْ ظاهِرةً معْرُوفةً, كفضْلِ إخْوانِهِ: أبِي بكْرٍ, وعُمر, وعُثْمان, وغيْرِهِمْ رضي الله عنهم ولمْ يكُنْ بقِي مِنْ أهْلِ الشُّورى غيْرُهُ وغيْرُ سعْدٍ, وسعْدٌ كان قدْ ترك هذا الْأمْر, وكان الْأمْرُ قدْ انْحصر فِي عُثْمان وعلِيٍّ; فلمّا تُوُفِّي عُثْمانُ لمْ يبْق لها مُعيّنٌ إلّا علِيٌّ رضي الله عنه; وإِنّما وقع الشّرُّ بِسببِ قتْلِ عُثْمان, فحصل بِذلِك قُوّةُ أهْلِ الظُّلْمِ والْعُدْوانِ وضعْفُ أهْلِ الْعِلْمِ والْإِيمانِ, حتّى حصل مِنْ الْفُرْقةِ والِاخْتِلافِ ما صار يُطاعُ فِيهِ منْ غيْرُهُ أوْلى مِنْهُ بِالطّاعةِ; ولِهذا أمر اللّهُ بِالْجماعةِ والائتلاف, ونهى عنْ الْفُرْقةِ والِاخْتِلافِ; ولِهذا قِيل: ما يكْرهُون فِي الْجماعةِ خيْرٌ مِمّا يُجْمِعُون مِنْ الْفُرْقةِ، وأمّا الْحدِيثُ الّذِي فِيهِ {إنّ عمّارًا تقْتُلُهُ الْفِئةُ الْباغِيةُ} فهذا الْحدِيثُ قدْ طعن فِيهِ طائِفةٌ مِنْ أهْلِ الْعِلْمِ; لكِنْ رواهُ مُسْلِمٌ فِي صحِيحِهِ, وهُو فِي بعْضِ نُسخِ الْبُخارِيِّ: قدْ تأوّلهُ بعْضُهُمْ على أنّ الْمُراد بِالْباغِيةِ الطّالِبةُ بِدمِ عُثْمان, كما قالُوا: نبْغِي ابْن عفان بِأطْرافِ الأسل، وليْس بِشيْءِ; بلْ يُقالُ ما قالهُ رسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم , فهُو حقٌّ كما قالهُ , وليْس فِي كوْنِ عمّارٍ تقْتُلهُ الْفِئةُ الْباغِيةُ ما يُنافِي ما ذكرْناهُ , فإِنّهُ قدْ قال اللّهُ تعالى : وإِنْ طائِفتانِ مِن الْمُؤْمِنِين اقْتتلُوا فأصْلِحُوا بيْنهُما فإِنْ بغتْ إحْداهُما على الْأُخْرى فقاتِلُوا الّتِي تبْغِي حتّى تفِيء إلى أمْرِ اللّهِ فإِنْ فاءتْ فأصْلِحُوا بيْنهُما بِالْعدْلِ وأقْسِطُوا إنّ اللّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِين

إنّما الْمُؤْمِنُون إخْوةٌ فأصْلِحُوا بيْن أخويْكُمْ فقدْ جعلهُمْ مع وُجُودِ الِاقْتِتالِ والْبغْيِ مُؤْمِنِين إخْوةً; بلْ مع أمْرِهِ بِقِتالِ الْفِئةِ الْباغِيةِ جعلهُمْ مُؤْمِنِين، وليْس كُلُّ ما كان بغْيًا وظُلْمًا أوْ عُدْوانًا يُخْرِجُ عُمُوم النّاسِ عنْ الْإِيمانِ, ولا يُوجِبُ لعْنتهُمْ; فكيْف يُخْرِجُ ذلِك منْ كان مِنْ خيْرِ الْقُرُونِ؟ وكُلُّ منْ كان باغِيًا, أوْ ظالِمًا, أوْ مُعْتدِيًا, أوْ مُرْتكِبًا ما هُو ذنْبٌ فهُو " قِسْمانِ " مُتأوِّلٌ, وغيْرُ مُتأوِّلٍ, فالْمُتأوِّلُ الْمُجْتهِدُ: كأهْلِ الْعِلْمِ والدِّينِ, الّذِين اجْتهدُوا, واعْتقد بعْضُهُمْ حِلّ أُمُورٍ, واعْتقد الْآخرُ تحْرِيمها كما اسْتحلّ بعْضُهُمْ بعْض أنْواعِ الْأشْرِبةِ, وبعْضُهُمْ بعْض الْمُعاملاتِ الرِّبوِيّةِ وبعْضُهُمْ بعْض عُقُودِ التّحْلِيلِ والْمُتْعةِ, وأمْثالُ ذلِك, فقدْ جرى ذلِك وأمْثالُهُ مِنْ خِيارِ السّلفِ، فهؤُلاءِ الْمُتأوِّلُون الْمُجْتهِدُون غايتُهُمْ أنّهُمْ مُخْطِئُون, وقدْ قال اللّهُ تعالى: ربّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نسِينا أوْ أخْطأْنا وقدْ ثبت فِي الصّحِيحِ أنّ اللّه اسْتجاب هذا الدُّعاء، وقدْ أخْبر سُبْحانهُ عنْ داود وسُليْمان عليهما السلام إنّما حكما فِي الْحرْثِ, وخصّ أحدهُما بِالْعِلْمِ والْحُكْمِ, مع ثنائِهِ على كُلٍّ مِنْهُما بِالْعِلْمِ والْحُكْمِ، والْعُلماءُ ورثةُ الْأنْبِياءِ, فإِذا فهِم أحدُهُمْ مِنْ الْمسْألةِ ما لمْ يفْهمْهُ الْآخرُ لمْ يكُنْ بِذلِك ملُومًا ولا مانِعًا لِما عُرِف مِنْ عِلْمِهِ ودِينِهِ, وإِنْ كان ذلِك مع الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ يكُون إثْمًا وظُلْمًا, والْإِصْرارُ عليْهِ فِسْقًا, بلْ متى عُلِم تحْرِيمُهُ ضرُورةً كان تحْلِيلُهُ كُفْرًا ، فالْبغْيُ هُو مِنْ هذا الْبابِ، أما إذا كان الْباغِي مُجْتهِدًا ومُتأوِّلًا, ولمْ يتبيّنْ لهُ أنّهُ باغٍ, بلْ اعْتقد أنّهُ على الْحقِّ وإِنْ كان مُخْطِئًا فِي اعْتِقادِهِ: لمْ تكُنْ تسْمِيتُهُ "باغِيًا" مُوجِبةً لِإِثْمِهِ, فضْلًا عنْ أنْ تُوجِب فِسْقهُ، والّذِين يقُولُون بِقِتالِ الْبُغاةِ الْمُتأوِّلِين; يقُولُون: مع الْأمْرِ بِقِتالِهِمْ قِتالُنا لهُمْ لِدفْعِ ضررِ بغْيِهِمْ; لا عُقُوبةً لهُمْ; بلْ لِلْمنْعِ مِنْ الْعُدْوانِ، ويقُولُون: إنّهُمْ باقُون على الْعدالةِ; لا يُفسّقُون، ويقُولُون هُمْ كغيْرِ الْمُكلّفِ, كما يُمْنعُ الصّبِيُّ والْمجْنُونُ والنّاسِي والْمُغْمى عليْهِ والنّائِمُ مِنْ الْعُدْوانِ أنْ لا يصْدُر مِنْهُمْ ; بلْ تُمْنعُ الْبهائِمُ مِنْ الْعُدْوانِ، ويجِبُ على منْ قُتِل مُؤْمِنًا خطأً الدِّيةُ بِنصِّ الْقُرْآنِ مع أنّهُ لا إثْم عليْهِ فِي ذلِك, وهكذا منْ رُفِع إلى الْإِمامِ مِنْ أهْلِ الْحُدُودِ وتاب بعْد الْقُدْرةِ عليْهِ فأقام عليْهِ الْحدّ, والتّائِبُ مِنْ الذّنْبِ كمنْ لا ذنْب لهُ, والْباغِي الْمُتأوِّلُ يُجْلدُ عِنْد مالِكٍ والشّافِعِيِّ وأحْمد ونظائِرُهُ مُتعدِّدةٌ، ثُمّ بِتقْدِيرِ أنْ يكُون "الْبغْيُ" بِغيْرِ تأْوِيلٍ: يكُون ذنْبًا, والذُّنُوبُ تزُولُ عُقُوبتُها بِأسْبابِ مُتعدِّدةٍ : بِالْحسناتِ الْماحِيةِ, والْمصائِبِ الْمُكفِّرةِ, وغيْرِ ذلِك، ثُمّ (إنّ عمّارًا تقْتُلُهُ الْفِئةُ الْباغِيةُ) ليْس نصًّا فِي أنّ هذا اللّفْظ لمعاوية وأصْحابِهِ; بلْ يُمْكِنُ أنّهُ أُرِيد بهْ تِلْك الْعِصابةُ الّتِي حملتْ عليْهِ حتّى قتلتْهُ, وهِي طائِفةٌ مِنْ الْعسْكرِ, ومنْ رضِي بِقتْلِ عمّارٍ كان حُكْمُهُ حُكْمها، ومِنْ الْمعْلُومِ أنّهُ كان فِي الْعسْكرِ منْ لمْ يرْض بِقتْلِ عمّارٍ، كعبْدِ اللّهِ بْنِ عمْرِو بْنِ العاص, وغيْرِهِ; بلْ كُلُّ النّاسِ كانُوا مُنْكرِين لِقتْلِ عمّارٍ, حتّى مُعاوِيةُ, وعمْرٌو، ويُرْوى أنّ مُعاوِية تأوّل أنّ الّذِي قتلهُ هُو الّذِي جاء بِهِ; دُون مُقاتِلِيهِ، وأنّ علِيًّا ردّ هذا التّأْوِيل بِقوْلِهِ: فنحْنُ إذًا قتلْنا حمْزة، ولا ريْب أنّ ما قالهُ علِيٌّ هُو الصّوابُ; لكِنْ منْ نظر فِي كلامِ الْمُتناظِرِين مِنْ الْعُلماءِ الّذِين ليْس بيْنهُمْ قِتالٌ ولا مُلْكٌ, وأنّ لهُمْ فِي النُّصُوصِ مِنْ التّأْوِيلاتِ ما هُو أضْعفُ مِنْ مُعاوِية بِكثِيرِ، ومنْ تأوّل هذا التّأْوِيل لمْ ير أنّهُ قتل عمّارًا, فلمْ يعْتقِدْ أنّهُ باغٍ, ومنْ لمْ يعْتقِدْ أنّهُ باغٍ وهُو فِي نفْسِ الْأمْرِ باغٍ، فهُو مُتأوِّلٌ مُخْطِئٌ، والْفُقهاءُ ليْس فِيهِمْ مِنْ رأْيِهِ الْقِتالُ مع منْ قتل عمّارًا; لكِنْ لهُمْ قوْلانِ مشْهُورانِ كما كان عليْهِما أكابِرُ الصّحابةِ: مِنْهُمْ منْ يرى الْقِتال مع عمّارٍ وطائِفتِهِ, ومِنْهُمْ منْ يرى الْإِمْساك عنْ الْقِتالِ مُطْلقًا، وفِي كُلٍّ مِنْ الطّائِفتيْنِ طوائِفُ مِنْ السّابِقِين الْأوّلِين، ففِي الْقوْلِ الْأوّلِ عمّارٌ, وسهْلُ بْنُ حنيف, وأبُو أيُّوب، وفِي الثّانِي سعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ, ومُحمّدُ بْنُ مسلمة; وأُسامةُ بْنُ زيْدٍ, وعبْدُ اللّهِ بْنُ عُمر ونحْوُهُمْ، ولعلّ أكْثر الْأكابِرِ مِنْ الصّحابةِ كانُوا على هذا الرّأْيِ; ولمْ يكُنْ فِي الْعسْكريْنِ بعْد علِيٍّ أفضْلُ مِنْ سعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ, وكان مِنْ الْقاعِدِين، وحدِيثُ عمّارٍ قدْ يحْتجُّ بِهِ منْ رأى الْقِتال; لِأنّهُ إذا كان قاتِلُوهُ بُغاةً فاللّهُ يقُول: فقاتِلُوا الّتِي تبْغِي والمتمسكون يحْتجُّون بِالْأحادِيثِ الصّحِيحةِ عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي: أنّ الْقُعُود عنْ الْفِتْنةِ خيْرٌ مِنْ الْقِتالِ فِيها. وتقُولُ: إنّ هذا الْقِتال ونحْوهُ هُو قِتالُ الْفِتْنةِ; كما جاءتْ أحادِيثُ صحِيحةٌ تُبيِّنُ ذلِك; وأنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لمْ يأْمُرْ بِالْقِتال; ولمْ يرْض بِهِ; وإِنّما رضِي بِالصُّلْحِ; وإِنّما أمر اللّهُ بِقِتالِ الْباغِي; ولمْ يأْمُرْ بِقِتالِهِ ابْتِداءً; بلْ قال: وإِنْ طائِفتانِ مِن الْمُؤْمِنِين اقْتتلُوا فأصْلِحُوا بيْنهُما فإِنْ بغتْ إحْداهُما على الْأُخْرى فقاتِلُوا الّتِي تبْغِي حتّى تفِيء إلى أمْرِ اللّهِ فإِنْ فاءتْ فأصْلِحُوا بيْنهُما بِالْعدْلِ وأقْسِطُوا إنّ اللّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِين قالُوا: والِاقْتِتالُ الْأوّلُ لمْ يأْمُرْ اللّهُ بِهِ; ولا أمر كُلّ منْ بُغِي عليْهِ أنْ يُقاتِل منْ بغى عليْهِ; فإِنّهُ إذا قتل كُلّ باغٍ كفر; بلْ غالِبُ الْمُؤْمِنِين; بلْ غالِبُ النّاسِ: لا يخْلُو مِنْ ظُلْمٍ وبغْيٍ; ولكِنْ إذا اقْتتلتْ طائِفتانِ مِنْ الْمُؤْمِنِين فالْواجِبُ الْإِصْلاحُ بيْنهُما; وإِنْ لمْ تكُنْ واحِدةٌ مِنْهُما مأْمُورةً بِالْقِتالِ, فإِذا بغتْ الْواحِدةُ بعْد ذلِك قُوتِلتْ; لِأنّها لمْ تتْرُكْ الْقِتال; ولمْ تُجِبْ إلى الصُّلْحِ; فلمْ ينْدفِعْ شرُّها إلّا بِالْقِتالِ، فصار قِتالُها بِمنْزِلةِ قِتالِ الصّائِلِ الّذِي لا ينْدفِعُ ظُلْمُهُ عنْ غيْرِهِ إلّا بِالْقِتالِ, كما قال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: منْ قُتِل دُون مالِهِ فهُو شهِيدٌ, ومنْ قُتِل دُون دمِهِ فهُو شهِيدٌ, ومنْ قُتِل دُون دِينِهِ فهُو شهِيدٌ, ومنْ قُتِل دُون حُرْمتِهِ فهُو شهِيدٌ. ، قالُوا: فبِتقْدِيرِ أنّ جمِيع الْعسْكرِ بُغاةٌ فلمْ نُؤْمرْ بِقِتالِهِمْ ابْتِداءً; بلْ أُمِرْنا بِالْإِصْلاحِ بيْنهُمْ وأيْضًا, فلا يجُوزُ قِتالُهُمْ إذا كان الّذِين معهُمْ ناكِلِين عنْ الْقِتالِ فإِنّهُمْ كانُوا كثِيرِي الْخِلافِ عليْهِ ضعِيفِي الطّاعةِ لهُ، والْمقْصُودُ أنّ هذا الْحدِيث لا يُبِيحُ لعْن أحدٍ مِنْ الصّحابةِ, ولا يُوجِبُ فِسْقهُ، وأمّا (أهْلُ الْبيْتِ) فلمْ يُسبُّوا قطُّ، ولِلّهِ الْحمْدُ. انتهى.
وفي مواطن آخر بين رحمه الله ما حدث بين عائشة وطلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم وأن ذلك لاينفي فضلهم ولا يوجب لهم النار لأنهم مجتهدون فيما فعلوا حيث قال: قدْ ثبت بِالنُّصُوصِ الصّحِيحةِ أنّ عُثْمان وعلِيًّا وطلْحة والزُّبيْر وعائِشة مِنْ أهْلِ الْجنّةِ، بلْ قدْ ثبت فِي الصّحِيحِ: أنّهُ لا يدْخُلُ النّار أحدٌ بايع تحْت الشّجرةِ، وأبُو مُوسى الْأشْعرِيُّ وعمْرُو بْنُ العاص ومُعاوِيةُ بْنُ أبِي سُفْيان هُمْ مِنْ الصّحابةِ ولهُمْ فضائِلُ ومحاسِنُ، وما يُحْكى عنْهُمْ كثِيرٌ مِنْهُ كذِبٌ; والصِّدْقُ مِنْهُ إنْ كانُوا فِيهِ مُجْتهِدِين، فالْمُجْتهِدُ إذا أصاب فلهُ أجْرانِ وإِذا أخْطأ فلهُ أجْرٌ وخطؤُهُ يُغْفرُ لهُ، وإِنْ قُدِّر أنّ لهُمْ ذُنُوبًا فالذُّنُوبُ لا تُوجِبُ دُخُول النّارِ مُطْلقًا إلّا إذا انْتفتْ الْأسْبابُ الْمانِعةُ مِنْ ذلِك وهِي عشْرةٌ، مِنْها: (التّوْبةُ ومِنْها الِاسْتِغْفارُ ومِنْها الْحسناتُ الْماحِيةُ ومِنْها الْمصائِبُ الْمُكفِّرةُ ومِنْها شفاعةُ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ومِنْها شفاعةُ غيْرِهِ ومِنْها دُعاءُ الْمُؤْمِنِين ومِنْها ما يُهْدى لِلْميِّتِ مِنْ الثّوابِ والصّدقةِ والْعِتْقِ ومِنْها فِتْنةُ الْقبْرِ ومِنْها أهْوالُ الْقِيامةِ، وقدْ ثبت فِي الصّحِيحيْنِ عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنّهُ قال: خيْرُ الْقُرُونِ الْقرْنُ الّذِي بُعِثْت فِيهِ ثُمّ الّذِين يلُونهُمْ ثُمّ الّذِين يلُونهُمْ. ، وحِينئِذٍ فمنْ جزم فِي واحِدٍ مِنْ هؤُلاءِ بِأنّ لهُ ذنْبًا يدْخُلُ بِهِ النّار قطْعًا فهُو كاذِبٌ مُفْترٍ، فإِنّهُ لوْ قال ما لا عِلْم لهُ بِهِ لكان مُبْطِلًا فكيْف إذا قال ما دلّتْ الدّلائِلُ الْكثِيرةُ على نقِيضِهِ؟ فمنْ تكلّم فِيما شجر بيْنهُمْ -وقدْ نهى اللّهُ عنْهُ: مِنْ ذمِّهِمْ أوْ التّعصُّبِ لِبعْضِهِمْ بِالْباطِلِ- فهُو ظالِمٌ مُعْتدٍ، وقدْ ثبت فِي الصّحِيحِ عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنّهُ قال: تمْرُقُ مارِقةٌ على حِينِ فِرْقةٍ مِنْ الْمُسْلِمِين تقْتُلُهُمْ أوْلى الطّائِفتيْنِ بِالْحقِّ. وقدْ ثبت عنْهُ فِي الصّحِيحِ أنّهُ قال عنْ الْحسنِ: إنّ ابْنِي هذا سيِّدٌ وسيُصْلِحُ اللّهُ بِهِ بيْن فِئتيْنِ عظِيمتيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِين. ، وفِي الصّحِيحيْنِ عنْ عمّار ٍ أنّهُ قال: تقْتُلُهُ الْفِئةُ الْباغِيةُ. وقدْ قال تعالى فِي الْقُرْآنِ: وإِنْ طائِفتانِ مِن الْمُؤْمِنِين اقْتتلُوا فأصْلِحُوا بيْنهُما فإِنْ بغتْ إحْداهُما على الْأُخْرى فقاتِلُوا الّتِي تبْغِي حتّى تفِيء إلى أمْرِ اللّهِ فإِنْ فاءتْ فأصْلِحُوا بيْنهُما بِالْعدْلِ وأقْسِطُوا إنّ اللّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ، فثبت بِالْكِتابِ والسُّنّةِ وإِجْماعِ السّلفِ على أنّهُمْ مُؤْمِنُون مُسْلِمُون وأنّ علِيّ بْن أبِي طالِبٍ والّذِين معهُ كانُوا أوْلى بِالْحقِّ مِنْ الطّائِفةِ الْمُقاتِلةِ لهُ. والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.

06‏/07‏/2014

تعرًف على الصحابية ( الخنساء) رضي الله عنها

الخنساء
 
هي تماضر عمرو بن الحارث السلمية ولقبها الخنساء، وسبب تلقيبها بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. (1)
حالها في الجاهلية
عرفت الخنساء (رضي الله عنها) بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه
مع والدها وأخويها معاوية وصخر،
والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج
من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم ؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ،

 ثم تزوجت بعده من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد. 
وأكثر ما اشتهرت به الخنساء فى الجاهلية هو شعرها وخاصة رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية والذين ما فتأت تبكيهما حتى خلافة عمر ومما يذكر فى ذلك ما كان بين الخنساء وهند بنت عتبة قبل إسلامها ......نذكره لنعرف إلى أى درجة اشتهرت الخنساء بين العرب فى الجاهلية بسبب رثائها أخويها. 
عندما كانت وقعة بدر قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة،
 فكانت هند بنت عتبة ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة.
 وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ ،
وعندما أتى ذلك اليوم، سألتها الخنساء : من أنت يا أختاه؟ فأجابتها
: أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم أنت؟
 فقالت: بأبي عمرو الشريد ، وأخي صخر ومعاوية . فبم أنت تعاظمينهم؟

قالت الخنساء: أوهم سواء عندك؟ ثم أنشدت هند بنت عتبة تقول:
أبكي عميد الأبطحين كليهما ومانعها من كل باغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل غالب وفي العز منها حين ينمي عديدها 
فقالت الخنساء:
أبكي أبي عمراً بعين غزيـرة قليل إذا نام الخلـي هجودها
وصنوي لا أنسى معاوية الذي له من سراة الحرتيـن وفودها
و صخرا ومن ذا مثل صخر إذا غدا بساحته الأبطال قــزم يقودها
فذلك يا هند الرزية فاعلمي ونيران حرب حين شب وقودها 

إسلامها
قال ابن عبد البر في الاستيعاب "قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم"
وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها .(2)
أهم ملامح شخصيتها
1- قوة الشخصية
عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم ؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها.
2-الخنساء شاعرة
يغلب عند علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. كان بشار يقول: إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف، فقيل له: وهل الخنساء كذلك، فقال تلك التي غلبت الرجال
أنشدت الخنساء قصيدتها التي مطلعها:
قذى بعينيك أم بالعين عوار . . ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
وسئل جرير عن أشعر الناس فـأجابهم: أنا، لولا الخنساء ، قيل فيم فضل شعرها عنك، قال: بقولها
إن الزمان ومـا يفنى له عجـب . . أبقى لنا ذنبا واستؤصل الــرأس
3 -البلاغة وحسن المنطق والبيان
في يوم من الأيام طلب من الخنساء أن تصف أخويها معاوية وصخر، فقالت: أن صخرا كان الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان معاوية القائل الفاعل. فقيل لها: أي منهما كان أسنى وأفخر ؟ فأجابتهم : بأن صخر حر الشتاء ، ومعاوية برد الهواء. قيل: أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد ، وأما معاوية فسقام الجسد
4- الشجاعة والتضحية.
ويتضح ذلك في موقفها يوم القادسية واستشهاد أولادها . فقالت الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم .
ولها موقف مع الرسول( صلي الله عليه وسلم ) فقد كان يستنشدها فيعجبه شعرها وكانت تنشده وهو يقول : " هيه يا خناس " . أو يومي بيده (3)




 أثر الرسول فى تربيتها

تلك المرأة العربية التي سميت بالخنساء،

 واسمها تماضر بنت عمرو، ونسبها ينتهي إلى مضر.مرت بحالتين متشابهتين لكن تصرفها تجاه كل حالة كان مختلفا مع سابقتها أشد الاختلاف, متنافرا أكبر التنافر, أولاهما في الجاهلية, وثانيهما في الإسلام. وإن الذي لا يعرف السبب يستغرب من تصرف هذه المرأة.
- أما الحالة الأولى فقد كانت في الجاهلية يوم سمعت نبأ مقتل أخيها صخر,

 فوقع الخبر على قلبها كالصاعقة في الهشيم, فلبت النار به, وتوقدت جمرات قلبها حزنا عليه, ونطق لسانها بمرثيات له بلغت عشرات القصائد, وكان مما قالته:
قذى بعينك أم بالعين عوار أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت فيض يسيل على الخدين مدرار
وإن صخرا لوالينا وسيدنا وإن صخرا إذا نشتو لنحار
وإن صخرا لمقدام إذا ركبوا وإن صخرا إذا جاعوا لعقار
وإن صخرا لتأتم الهداة به كــأنـه عـلـم في رأســــــــــه نار
حـمـال ألويـة هبـاط أوديــة شهــاد أنديــة للجيــش جرار
ومما فعلته حزنا على أخويها "صخر ومعاوية" ما روي عن عمر أنه شاهدها تطوف حول البيت وهي محلوقة الرأس, تلطم خديها, وقد علقت نعل صخر في خمارها.
- أما الحالة الثانية التي مرت بها هذه المرأة والتي هي بعيدة كل البعد عن الحالة الأولى: فيوم نادى المنادي أن هبي جيوش الإسلام للدفاع عن الدين والعقيدة ونشر الإسلام، فجمعت أولادها الأربعة وحثتهم على القتال والجهاد في سبيل الله، لكن الغريب في الأمر يوم بلغها نبأ استشهادهم, فما نطق لسانها برثائهم وهم فلذات أكبادها, ولا لطمت الخدود ولا شقت الجيوب, وإنما قالت برباطة جأش وعزيمة وثقة: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم, وإني أسأل الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته"!
ومن لا يعرف السبب الذي حول هذه المرأة من حال إلى حال يظل مستغربا, ويبقى في حيرة من أمره فهذه المرأة تسلل إلى قلبها أمر غــير حياتها , وقلب أفكارها, ورأب صدع قلبها, إنها باختصار دخلت في الإسلام, نعم دخلت في الإسلام الذي أعطى مفاهيم جديدة لكل شيء, مفاهيم جديدة عن الموت والحياة والصبر والخلود.
فانتقلت من حال الـيـأس والقــنـوط إلى حـال الـتـفـاؤل والأمـل، وانتقلت من حال القـلـق والاضـطـراب إلى حال الطـمأنـيـنة والاســتقرار، وانتقلت من حالة الشرود والضياع إلى حالة الوضوح في الأهداف, وتوجيه الجهود إلى مرضاة رب العالمين. نعم هذا هو الإسلام الذي ينقل الإنسان من حال إلى حال, ويرقى به إلى مصاف الكمال, فيتخلى عن كل الرذائل, ويتحلى بكل الشمائل, ليقف ثابتا في وجه الزمن, ويتخطى آلام المحن, وليحقق الخلافة الحقيقية التي أرادها الله للإنسان خليفة على وجه الأرض. (4)


من مواقفها مع الصحابة
لها موقف يدل علي وفائها ونبلها مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فلم تزل الخنساء تبكي على أخويها صخرا ومعاوية حتى أدركت الإسلام فأقبل بها بنو عمها إلى عمر بن الخطاب( رضي الله عنه) وهي عجوز كبيرة فقالوا : يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي . فقال لها عمر : اتقي الله وأيقني بالموت فقالت : أنا أبكي أبي وخيري مضر : صخراً ومعاوية . وإني لموقنة بالموت فقال عمر : أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار ؟ فقالت : ذاك أشد لبكائي عليهم ؛ فكأن عمر رق لها فقال : خلوا عجوزكم لا أبا لكم فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي. (5)من كلماتها
كانت لها موعظة لأولادها قبيل معركة القادسية قالت فيها:
"يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم . وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين . واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله عز وجل : " يا أيها الذي أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " . فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين وبالله على أعدائه مستنصرين . وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارا على أرواقها فتيمموا وطيسها وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة ". (6)
فلما وصل إليها نبأ استشهادهم جميعاً قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
وفاتها:
توفيت بالبادية في أول خلافة عثمان رضي الله عنه سنة 24هـ

كتاب يناقش الكثير من الأخطاء الشائعة بين الناس و يحوي 350 خطأ شائع

كتاب Book of General Ignorance
للمؤلف John Lloyd
 
هو كتاب يناقش الكثير من الأخطاء الشائعة بين الناس و يحوي 350 خطأ شائع
 
الكتاب جميل جدا في التحدث عن أشياء نظن أنها بديهية لكنها على غير ما نتوقع من أمثلتها
 
لماذا تغير الحرباء لونها ؟
ليس ليتناسب مع الخلفية
بل تغير لونها نتيجة لحالتها العاطفية وهذا التغيير قد يتناسب مع الخلفية بالصدفة وقد لا يتناسب
الحرباء تغير لونها عند الخوف أو إذا التقطها أحد أو حيوان آخر  أو عندما تغلب حرباء أخرى في معركة أو عند إلتقا ذكر وأنثى منها
 
لماذا الفراش و العث يدور حول الضوء أو النار حتى يحترق؟
 
السبب المشهور عند الناس أن الضوء يجذب الفراش حتى يؤودي لموته
 
الواقع أن الضوء يشوش الفراش بغض النظر عن مصدره نار أو ضوء صناعي
لأن الحشرات تستخدم ضوء القمر والشمس للتنقل ليلا ونهارا.و لأن القمر والشمس  بعيدان جدا فأن الحشرات تتعامل معه على أنه يضرب عيونها في نفس المكان في أوقات مختلفة من النهار أو الليل وبذلك تستطيع الطيران في خط مستقيم.
فعندما تتعرض لضوء صناعي فهو يشتتها لأنها تتعامل معه مثل الشمس والقمر وبذلك تدور حوله لتبقيه في نفس المكان منها ظنا منها أنها تسير بخط مستقيم
 
أين هو المكان الاكثر جفافا على وجه الأرض؟
ليس الصحراء إنما  القارة القطبية الجنوبية .فهي لم ترى المطر منذ مليون سنة.
 
ما هو اخطر الحيوانات التي عاشت على وجه الأرض ؟
إنه أنثى البعوض حيث قتلت حوالي 45 مليار نسمة على مر العصور
البعوض يحمل أكثر من مائة مرض فتاك مثل الملاريا والحمى الصفراء وحمى الضنك والتهاب الدماغ وداء الخيطيات ، وداء الفيل
وحتى اليوم البعوض تقتل شخصا واحدا كل 12 ثانية
 
 
ما الشيء الذي صنعه الأنسان ويمكن رؤيته من سطح القمر؟
 
لبس سور الصين العظيم
لا يوجد شيء صنعه الإنسان يمكن مشاهدته من القمر بالعين المجردة
الفكرة القائلة بأن سور الصين العظيم هو الكائن الوحيد من صنع الانسان التي يمكن رؤيته من القمر تخلط بين القمر والفضاء.سور الصين العظيم يمكن رؤيته إذا كانت المركبة الفضائية على بعد فقط 60 ميل من سطح الأرض.
من هذا البعد أيضا يمكن رؤية الطرق السريعة والسفن في عرض البحر ، والسكك الحديدية والمدن وحقول المحاصيل ، وحتى بعض المباني الفردية.أما من القمر عل بعد 250،000 ميل تصبح القارات بالكاد مرئية
 
من قال "إذا لم يجد الشعب خبز ليأكله لماذا لا يأكل الكعك"؟
ليس ماري انطوانيت
عبارة نسبت لها دلالة على إحتقارها للشعب
أصلا في ذلك الوقت لم يكن الكعك بصفة الكعك معروفا لدى الناس
 
 
كم حاسة يمتلك الإنسان ؟
ليس خمس وعلى الأقل تسعة
فبالإضافة إالى الحواس الخمس المعروفة (البصر والسمع والتذوق والشم ، واللمس التي ذكرها أرسطو )هناك أربعة حواس أخرى متفق عليها و هي
الاحساس بالحرارة Thermoception
الاحساس بالاتزان Equilibrioception
الإحساس بالألم  Nociception
الإحساس بموقع أجزاء الجسم Proprioception
 
وبعض علماء الأعصاب يوصلون العدد ل 21 حاسة
مثل حاسة الجوع و العطش ومعاني اللغة وغيرها
 
من الحواس التي لا يمتلكها الإنسان
Electroception   الشعور المجالات الكهربائية
magnetoception  الكشف عن المجالات المغناطيسية
الأشعة تحت الحمراء
 
كم عدد حالات المادة ؟
ليس ثلاثة صلبة وسائلة وغازية
في الواقع العدد الصحيح هو 15 و يزداد يوميا وهي
Solid
amorphous solid
liquid
Gas
Plasma
Superfluid
Supersolid
degenerate matter
neutronium
strongly symmetric matter
weakly symmetric matter
quark-gluon plasma
fermionic condensate
Bose-Einstein condensate
strange matter.
 
ما المعدن السائل في درجة حرارة الغرفة؟
ليس فقط الزئبق
بالإضافة إلى الزئبق ، الغاليوم ، سيزيوم ، فرنسيوم جميعها سوائل في درجة حرارة الغرفة.
 
 
ما هو أفضل معدن موصل للكهرباء و الحرارة؟
ليس النحاس إنما الفضة
النحاس ثاني أكثر عنصر موصل
استخدام النحاس في الأجهزة لأنه أرخص بكثير
 
هل يدور القمر حول الأرض أم تدور الأرض حول القمر؟
ليس القمر حول الأرض إنما الإثنان حول بعضهما
و نحن لا نلاحظ دوران الأرض حول القمر لأن المركز المشترك للجاذبية بينهما يقع 1000 ميلا تحت سطح الأرض لذلك يبدو لنا كأن القمر يدور حول الأرض
لذلك فإن للأرض ثلاث دورات مختلفة : حول محورها ، حول الشمس ، وحول هذه النقطة
وكان نيوتن يقول أنه حتى التفكير في حركة القمر يصيبه بالصداع
 
 
كم عدد الكواكب في النظام الشمسي؟
ثمانية.و ليس تسعة
في 24 آب / أغسطس 2006 اتفقت  الجمعية العامة للاتحاد الدولي للفلكيين على تعريف الكوكب بحيث يحمل الكوكب ثلاث مواصفات هي أن يدور حول الشمس ، لديه ما يكفي من الكتلة ليكون كرويا ، ويجب أن ينظف بجاذبيته المنطقة التي حول مداره
بلوتو يملك أول اثنين فاصبحت رتبته "كوكب قزم".
 
كيف تطير من خلال حزام الكويكبات؟
من الصعب جدا أن تصطدم مع أي شيء
وعلى الرغم مما أن أفلام الخيال العلمي صورت السفن الفضائية تعبر حزام الكويكبات بصعوبة خوفا من أن تصتدم بشيء
إلا أن المسافة الحقيقية بين الكويكبات الكبيرة (تلك التي يمكن أن تلحق ضررا كبيرا في مركبة فضائية) هو تقريبا 1.25 مليون ميل.
ماذا يوجد داخل الذرة؟
لا شيء في الغالب.الغالبية العظمى من حجم الذرة مساحة فارغة.لتخيل ذلك  تخيل أن الذرة هي ستاد رياضي دولي.
ستكون الالكترونات في أعلى المدرجاتو بحجم رأس الدبوس.
ونواة الذرة في وسط الملعب وبحجم حبة البازلاء
 
كم عدد أقدام الحشرة التي تسمى ذات المئة قدم centipede؟
ليس مئة
الشرات التي تسمى مئوية الرجل يملك بعضها أقل و بعضها أكثر من  100 قدم
 
 
 
 
من من الثدييات الأفريقية الذي قتل أكثر عدد من البشر؟
ليس الأسد أو النمر أو الضبع
هو فرس النهر
 
كم نسبة الماء من الأرض ؟
ليس 75% الماء يغطي 57% من سطح الأرض ولكن لا يشكل من كتلة الأرض أكثر من 1-2% من كتلة الأرض
 
 
 
ما  هو أول اختراع كسر حاجز الصوت؟
ليس اطيارة إنما  السياط أو الكرباج صنع قبل 7000 سنة في الصين
 
 
من الحيوان الذي يدفن رأسه في الرمال؟
ليس النعامة
لو فعلت النعمة ذلك لاختنقت
 
ما هو الحيوان الذي سميت على اسمه جزر الكناري؟
ليس طيور االكناري إنما الكلاب لأنه عند اكتشافها كان بها الكثير من الكلاب فسميت بالاسم الاتيني للكلاب Canaria
أماطيور الكناري سميت بهذا الاسم نسبة للجزيرة
 
من  اكتشف البنسلين؟
ليس الكسندر فليمنغ
أول من استخدمه البنسلين هم رجال القبائل البدوية في شمال أفريقيا حيث وجدوا أن المرهم المصنوع من العفن يشفي الجروح
 
ما هو الحيوان الذي يمتلك أكبر مخ مقارنة مع حجمه؟
النملة
 
من أول من اكتشف أن الأرض كروية؟
النحل
تدل الدراسات على أن طبيعة الإشارات التي يستخدمها النحل فيما بينها لا تتم إلا إذا كان النحل يدرك أن الأرض كروية
 
 
لماذا يطن النحل؟
هو ليس فقط صوت الأجنحة إنما ليتواصل فيما بينه
 
ما هي النسبة التي يستخدمها الإنسان من عقله؟
على عكس ما يروجه البعض أن الانسان يستخدم 2% من عقله
الصحيح أن الإنسان يستخدم 100% من عقله
 
 
ماذا تشرب الدلافين؟
انهم لا تشرب على الإطلاق.الدلافين مثل حيوانات الصحراء يحصل على الماء من طعامه
 
ما هو طول اليوم الواحد زمنيا؟
ليس بالضبط 24 ساعة لأن سرعة دوران الأرض حول محورها تتغير باستمرار نتيجة الاحتكاك الناجم عن المد والجزر ، وأنماط الطقس ، والأحداث الجيولوجية.
و تم اثبات ذلك من خلال الساعات الذرية
 
من ماذا تصنع القهوة؟
من بذور شجرة القهوة وليس من حبوب القهوة
القهوة هي من الفواكه لها بذور وليس حبوب
 
من أين أتى الديك الرومي Turkey؟
على الرغم من اسمه إلا أن مصدره هو أمريكا الشمالية
سمي Turkey  لأن التجار الاتراك هم الذين اشتهروا ببيعه