مرحبا بالزائر الكريم

أحب الصالحين ولست منهم ، لعلي أن أنال بهم شفـــاعة
وأكره من تجارته المعاصي ، ولو كنا سواء في البضاعة

أبحث في قوقل

19‏/02‏/2013

استعطاف تميم بن جميل للمعتصم

كان تميم بن جميل السّدوسي قد خرج بشاطىء الفرات ، واجتمع إليه كثير من الأعراب ، فعـظم أمره ، وبعد ذكره ، ثم ظفر به ، وحمل موثقاً إلى باب المعتصم .

فقال أحمد بن أبي دؤاد : ما رأيت رجلاً عاين الموت ، فما هاله ، ولا شغـله عما كان يجب عليه أن يفعله إلاّ تميم بن جميل ، فإنه لمّا مثل بين يدي المعتصم ، فأحضر

السيف والنطع وأوقف بينهما ، تأمّله المعتصم ، وكان جميلاً وسيماً ، فأحبّ أن يعلم أين لسانه وجنانه من منظره ، فقال له : تكلّم يا تميم . فقال : أمّا إذ أذنت يا أمير

المؤمنين فأنا أقول الحمد لله الذي أحسن كلّ شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، ثمّ جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، جبر بك صدع الدّين ولمّ بك شعث

المسلمين ، وأوضح بك سبل الحق ، وأخمد بك شهاب الباطل ، إن الذنوب تخرس الألسنة الفصيحة ، وتعيي الأفئدة الصّحيحة ، ولقد عظمت الجريرة ، وانقطعت الحجّة

وساء الظن ، ولم يبق إلاّ عفوك أو انتقامك ، وأرجو أن يكون أقربهما منك وأسرعهما إليّ أشبههما بك وأولاهما بكرمك ، ثمّ قال على البديهة :

أرى الموت بين السيف والنطع كامناً ... يـــلاحظني من حيثـــما أتــلفتُ

وأكـبـــــــر ظني أنك اليـوم قــــاتــلي ... وأي امرىء مما قضى الله يفلتُ

وأي امرىء يأتــــي بـعـذر وحـــــجة ... وسيف المنايا بين عينيه مـصلتُ

ومـا جزعــي مـن أن أمـوت وإنــني ... لأعــــلم أن المــــوت شيء مؤقتُ

ولكن خــلفي صبــية قــــد تركتـــهم   ...  وأكبــــادهــــم من حسرة تتـــفـتتُ

كـأني أراهم حــين أنـعــى إليــــــهم   ...   وقــد خمشوا تلك الوجـوه وصوّتوا

فإن عشت عاشوا خافــضين بغبطة  ... أذود الرّدى عنهم وإن مـتّ موّتوا

وكـــم قـــائل لا يبــــعـــد الله روحه   ...  وآخــــر جــذلان يســــرّ و يشمــتُ



فتبسمّ المعتصم وقال : كاد والله يا تميم أن يسبق السيف العذل ، وقد وهبتك للصّبية ، وغفرت لك الصّبوة . ثمّ أمر بفك قيوده وخلع عليه .